أثر الكثافة السكانية في السكن المستدام - دراسة تطبيقية في مدينة بغداد (محلة 817) البياع انموذجاً
الملخص
تُمثِّل الكثافة السكانية مؤشِّرا مهما لتحديد نمو حجم المناطق الحضرية وللكثافة السكانية تأثيرا مباشرًا على نوعية الحياة وقد يؤدي ارتفاعها المفرط الى تدهور المرافق الخدمية الأساسية. وتتلخَّص مشكلة البحث في ان زيادة الكثافات السكانية الاجمالية للمحلات السكنية قد تنعكس سلبا على طبيعة الخدمات المقدمة للساكنين في هذه المحلات ومن ثم عدم تحقيق الاستدامة في المحلة السكنية. ويفترض البحث أن الزيادة الحاصلة في الكثافات السكانية تؤثر سلبا على تحقيق الاستدامة في المحلة السكنية.
وضمن الإطار النظري للبحث، تم استعراض مفاهيم الكثافات السكانية والسكنية ومستوياتها، والمفاهيم المتعلقة بالسكن والمسكن والبيئة السكنية والارتباط الحاصل بين هذه المفاهيم مع التطرُّق إلى مفهوم الاستدامة في البيئة الحضرية، ومفاهيم المحلة السكنية مع ذكر المؤشرات الاجتماعية والعمرانية –التخطيطية والبيئية لتحقيق الاستدامة في المحلة السكنية، وتم التوصُّل فيه الى مجموعة مؤشرات (اجتماعية، عمرانية – تخطيطية، بيئية) تمثل متطلبات استدامة المحلة السكنية.
أما الإطار العملي للبحث، فقد تم ضمن دراسة ميدانية لمنطقة البياع محلة (817)، للتعرّف على الخصائص الاجتماعية والعمرانية للمنطقة والتعرف على التغير الحاصل في كثافاتها السكانية والأسباب الواقعة خلف زيادة سكانها عن طريق استبيان اراء الساكنين حول متطلبات استدامة المحلة السكنية، ثم اجراء التحليل الاحصائي والتخطيطي لنتائج استبيان الساكنين باستخدام اساليب احصائية للتأكُّد من وجود فروقات حقيقية او هامشية للفترات المبحوثة (وقت الانشاء، الوقت الحاضر، الوقت الحاضر من الساكنين القدامى)، وتم تلخيص ما توصُّل إليه التحليل الاحصائي والتخطيطي لجميع المتطلبات التي عرضت عن طريق التقويم النهائي لجميع المتطلبات التي انخفض مستواها عما كانت عليه وقت الانشاء والتي تراجعت عن الوضع الذي كانت عليه سابقا و التي ارتفع مستواها عن السابق .
ولغرض تحقيق هدف البحث اعتمد الباحث في اثبات فرضيته على المنهج الوصفي التحليلي في تحقيق هدف البحث والوصول الى النتيجة النهائية والذي يعتمد على فهم مشكلة الدراسة، وايجاد الحلول المناسبة لها، عن طريق دراسة تغيرات الكثافات السكانية للمحلة السكنية في اثناء مرحلتين زمنيتين مختلفتين ضمن منطقة الدراسة (محلة 817 في البياع)، ولغرض الحصول على البيانات والمعلومات عن منطقة الدراسة استعانت الباحثة باستمارة الاستبيان، في جمع المعلومات عن منطقة الدراسة.
إن أهم النتائج التي تم التوصل اليها في هذا البحث هي تدني معظم متطلبات تحقيق استدامة المحلة السكنية (الاجتماعية، العمرانية – التخطيطية، البيئية) نتيجة لتأثيرات زيادة الكثافة السكانية في منطقة الدراسة مؤثرة تأثيرا سلبيا على هذه المتطلبات مثل (الجماعة والجوار، الكثافة السكانية، وجود المساحات المفتوحة والخضراء)، مع وجود عدد من المؤشرات التي تراجعت كثيرا عما كانت عليه سابقا مثل (التفاعل الاجتماعي، تكوين المحلة لفرص الالتقاء الاجتماعي، كفاءة الطرق، المناطق الترفيهية) وعدد من المؤشرات التي تأثرت ايجابيا بهذه الزيادة مثل (توافر فضاءات التجمع ضمن التشكيل العمراني للمحلة السكنية، وتوفر المياه).
وكانت أهم توصيات الدراسة هي ضرورة دعم مؤشرات استدامة المحلة السكنية عن طريق زيادة التفاعل الاجتماعي في المحلة السكنية و تعزيز شعور الافراد بالأمن والامان والتضامن الاجتماعي ووحدة الجماعة والجوار عبر المحافظة على مستويات التجانس في تشكيل الفضاءات العمرانية وتوفير الخصوصية للوحدات السكنية في البيئة المبنية وعدم السماح بالتجاوز على ضوابط البناء، مع تعزيز العلاقات الاجتماعية الرابطة بين ساكني المحلة السكنية وفرص الالتقاء الاجتماعي عبر الاستعمال الامثل لاستخدامات الارض وتشجيع الانشطة الترفيهية ، مع المحافظة على البيئة السكنية للمحلة السكنية عبر الحد من التحويرات الحاصلة على الوحدات السكنية لتقليل فرص الوافدين الجدد والحدِّ من تغيّر نمط استعمالات الارض السكنية الى تجارية او توجيه نشاطاتها عن طريق التشريعات التي تحدُّ من ذلك .